قد تكون مرت كلمة تأمل على سمعك وبمجرد مرورها قد تتراءي لك صور معينة لأشخاص يمارسون التأمل وقد يبدو للبعض بأن التأمل مرتبط بطقوس لبعض الديانات.
وأنا مثلك تماما ٫ فالتأمل كلمه كنت أسمعها ولا أعرف عنها شيئا. ولم يكن لدي حتى الفضول للتعرف عليها ولكن كثر الحديث عنها لما لها من فوائد للعقل والجسد والصحة النفسية.
وفي يوم من الأيام ٫ أتيحت لي الفرصة لحضور دورة لمعلمي الغالي ”طلال خلف ” الذي علمني معنى التأمل وروعته وبساطته والأثر الطيب الذي ممكن أن يتركه بداخلي.
ولكن يا ترى ما هو التأمل ؟ وما فائدته لي؟ وهل ستساعدني ممارسته على تهدئة أفكاري وتخفيف الضغط النفسي الناتج عن متطلبات الحياة وسرعتها وضغوطها؟
هل تمنيت يوما لو كان بإمكانك إيقاف أفكارك أو حتى إبطاؤها؟ هل تعبت من كثرة التخطيط والتحليل ؟ هل تمنيت لو كنت تستطيع نسيان الماضي والاطمئنان للمستقبل وايقاف القلق مما قد يحدث وما قد لا يحدث؟؟
دعني أخبرك بأن التأمل هو وسيلتك لتخفيف ضغط الأفكار والتوتر والقلق .
التأمل بكل بساطة هو ادراك لكل ما يحدث بالداخل بدون تفاعل أو مقاومة أو هروب. ولكن ما هو الداخل؟ هو عالمك الذي يحرك كل شي يحدث في الخارج . إن عالمك الداخلي ملىء بالأفكار المختلفة والمتضادة فكل فكرة ليست لها علاقة بالأخرى . هي أفكار تتولد باستمرار وبدون ترتيب تأتيك من الشرق ومن الغرب. ما تفعله أنت وبصورة غير واعيه هي التفاعل مع تلك الأفكار. فتعتبر بعض الأفكار أنها حقائق فتصدقها٫ وتعتبر بعض الأفكار أنها أوامر فتنفذها٫ وفي الحقيقة أفكارك ليست حقائق وليست أوامر!
تخيل معي سماء صافيه تمر فيها سحب ثم تعبر وترحل وتختفي. هذه السماء هي تفكيرك والسحب هي الأفكار التي ستأتي وتمر وتعبر ثم ترحل بكل هدوء ويسر وستختفي. أفكار جيدة وأفكار سيئة ٫ أفكار تافهه وأفكار مهمة٫ أفكار مفرحة وأفكار مرعبه. بغض النظر عن نظرتك لتلك الأفكار فكلها أفكار ضعيفة أنت من يمنحها القوة من خلال التفاعل معها.
وكما تدرب عضلاتك خلال التمارين الرياضيه لتقويتها فكذلك بامكانك تدريب نفسك على تمرير تلك الأفكار من خلال مراقبتها … مراقبه بدون تدخل ٫ بدون تفاعل٫ بدون أحكام ٫ بدون تصنيف ٫ بدون تحليل٫ مراقبه فقط.
ولكن قبل أن نتعلم كيف نتأمل بكل بساطه ٫ دعني أخبرك ببعض فوائد التأمل:
-
- التأمل وسيلة بين يديك ولا تحتاج إلا لنية صادقة ووقت يومي تحدده أنت ومكان هادىء
- الفكرة تولد شعور ٫ والشعور يولد ردة فعل. ومن خلال التأمل ستتعلم كيف تراقب أفكارك بدون تفاعل وستدرك المشاعر التي تولدها تلك الأفكار وستكون لديك القدره في اختيار ردة الفعل المناسبة بدون انفعال .
- عندها ستصبح أكثر هدوئا وسيقل الضغط الداخلي الناتج عن زحمة الأفكار ونوعيتها. ستختار أي من الأفكار ستستجيب لها وأيها ستمررها وتراقبها حتى ترحل.ويوما بعد يوم ستتحسن نوعية أفكارك لتنتقي من الأفكار ما يحييك ويجلب لك البهجة.
- ضغط الأفكار والتوتر والقلق يسبب إفراز هرمونات تجعل الجسم في حالة تأهب مستمرة ”البقاء على قيد الحياة“ وهو نظام يعمل في حالات الخطر الشديدة لحماية حياتنا. ولكن بسبب كثرة الأفكار والتفاعل معها يعتقد عقلك اللاواعي بأن هناك خطر حقيقي وهذا غير صحيح فيفرز تلك الهرمونات بصورة مستمرة وهذا يسبب ضغط على مختلف أعضاء الجسد فتنهك.
- سيساعدك التأمل على الخروج من حالة التأهب والاسترخاء وبالتالي سيقوم جسمك بإفراز الهرمونات باعتدال وستسترخي وترتاح أعضاء الجسد مما سيتح لك فرصه لأخذ نفس مريح وستتمكن من رؤية الحياة من منظور جديد وجميل.
- وبالرغم من أن الظروف هي نفس الظروف والأشخاص هم نفس الأشخاص والتحديات هي نفس التحديات . مع استمرارك في التأمل بصورة يوميه ستلاحظ أن ما تغير هو نظرتك لكل ما يحدث حولك وأن ردود أفعالك أصبحت أكثر هدوءا ولطفا.
- ببساطة ستنساب الحياة بسلاسة أكثر بالرغم من كل ما يحدث ٫ لأن كل ما يحدث هو يحدث شئنا أم أبينا ولن تتوقف الأفراح ولن تتوقف الأحزان . ما يصنع الفرق هو تفسيرنا لما يحدث وردود أفعالنا.
فإذا كنت ترغب في تجربة ممارسة التأمل سأدعوك لتجربة الخطوات التالية:
-
- اجلس جلسة مريحه بصورة مستقيمة (تجنب الاستلقاء )
- حدد مدة خمس دقائق كبداية وقم بزيادة الوقت تدريجيا كل يوم (اليوم الأول : خمس دقائق٫ اليوم الثاني: عشر دقائق وهكذا حتى تصل لمدة نصف ساعة يوميا)
- اختر اي وقت خلال اليوم يناسبك
- أغمض عينيك
- تنفس بصورة طبيعية وحاول ايصال النفس للبطن إن أمكن
- تجنب تحريك جسمك وعند شعورك بأي توتر في اي عضله ٫ فقط تابع التنفس.
- راقب أفكارك ٫ تسابق الأفكار طبيعي وقد تشعر بعدم ارتياح وهذا شعور طبيعي ٫ فقط تابع التنفس.
- تحلى بالصبر ٫ قد تشعر بالملل وفي رغبه في انهاء الجلسه ٫ وهذا بسبب الأفكار ٫ فقط تنفس وسيزول هذا الشعور
